الكلمة الكاملة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عن التعليم في الجزائر

يُشارك رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون نهار اليوم في المؤتمر القاري حول التعليم، والشباب، وقابلية التوظيف، الذي تحتضنه الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، حيث وصل نهار أمس إلى نواكشط، مُستقبلا له أخيه الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بالقاعة الشرفية لمطار نواكشوط الدولي، يليها لقاءه كذلك مع نظيره رئيس جمهورية رواندا السيد بول كاغامي، ليعقد معه لقاءً ثنائيًا.

وقد أدلى رئيس الجمهوريّـة السّيّد عبد الـمجيـد تبّـون بمناسبة الـمؤتمر القــاري حول التعليم والشباب وقابلية التوظيف نهار اليوم بخطابه التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أَشرفِ الـمرسَلينَ
– السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الـموريتانية، رئيس الاتحاد الإفريقي،
– السيدات والساخدة رؤساء الدول والحكومات،
– السيد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،
– السيدات والسادة الأفاضل،
يُسْعِدُنِي أَنْ أُعْربَ عَنْ بَالِغِ السُّرُورِ والارْتِيَاحِ بِوُجُودِي في الجُمْهُورِيَّةِ الإِسْلاميةِ الـمُوريتَانِيَّةِ الشَّقيقَةِ، وَعَنْ عَمِيقِ إِمْتنَانِي، لأَخِي فَخَامَةِ الرّئيس مُحَمَّد ولد الشيخ الغزواني، عَلَى الدَّعْوةِ الكَريمَةِ لِلْمُشَارَكَةِ في أَشْغَالِ هَذَا الـمُؤْتَمرِ، حَوْلَ التَّعليمِ والشَّبَابِ وقَابليةِ التَّوْظِيف .. وَهُوَ مَوْضُوعٌ في مُنْتَهَى الأهَمِّيَة، وَيُعَدُّ – في تَقْدِيرِي – مِنْ الأَوْلَوِياتِ والتَّحَدِيَّاتِ القَارِيَّةِ الَّتي يَتَوجَّبُ وَضْعُهُا عَلَى رَأْسِ إِنْشِغَالاَتِنَا.
وَأتَوجَّهُ بالشُّكرِ لـِمُفَوِّضيةِ الإِتِّحَادِ الإفْريقي عَلَى الجُهُودِ الـمَبْذُولةِ، لتَنْفِيذِ خَارِطَةِ الطَّرِيق، لـموضُوعِ عَامِ 2024 الخَّاص بالتَّعليم، مِنْ أَجْلِ بِنَاءِ أنْظِمَةٍ تَعليميَّةٍ مُتَكيِّفَةٍ مَعَ العَصْرِ.
السيّد الرئيس،
السيّدات والسّادة،
لَيْسَ خَافِيًا أنَّ التَّعْليم في قَارَتِنَا يَعْرِفُ – لِلْأَسَف – وَاقِعًا صَعْبًا مِنْ مَظَاهِرِهِ .. إرْتِفَاعُ عَدَدِ الأطْفَالِ غَيرِ الـمُلْتَحقِينَ بالـمَدَارِس، وانْخِفَاضُ فُرَصِ الحُصُولِ عَلى تَعْليمٍ مُلاَئِمٍ، وَنقْصُ الـمَوِارِدِ لِتَكْوينِ الـمُؤَطِّرينَ ..
وَأوَدُّ في هَذِهِ الـمُنَاسَبَةِ أنْ أُوجِزَ في لـَمْحَةٍ مُخْتَصَرَةٍ تَجْرِبَةَ بِلاَدِي، الّتي يَكْفُلُ فيـها الدُّسْتُورُ تَعْلِيمًا إِلْزَامِيًا وَمَجَانِيًا، وَهِي تَجْرِبَةٌ تَكْشِفُ ضَخَامَةَ تَحَدِيَّاتِنَا الوَّطَنيَّةِ، فَقَدْ بَلَغَ تِعْدَادُ التلَّاميذُ في الدُّخُولِ الـمدْرسي لِهَذَا العَامِ مَا يُقَارِبُ (12) مِليون مُتَمدْرِسٍ في مُؤَسَّسَاتِ التَّربيةِ والتَّعليمِ بَعْدَ أنْ كَانَ لا يَتَجَاوَزُ 900 ألفٍ سَنَةَ 1962، وَارْتَفَعَت نِسْبَةُ تَمَدْرُسِ الأطفَالِ البَالِغِين 06 سَنَواتٍ مِنْ 43.42 % سَنَةِ 1966 إلى 99.89 % سَنَةِ 2024.
وَمِنْ جَانِبِ التأطير بَلَغَ تِعْدَادُ الأسَاتذَةِ أَكْثَرَ من (600) أَلْفَ أُستَاذٍ في مُؤسَّسَاتِ التَّربيةِ والتَّعليم العُمُوميةِ بِنِسْبَةِ تَأْطِيرٍ عَامَةٍ تتراوح بين 19 و 28 تِلْمِيذ لِكُلِّ أُسْتَاذ، بَعْدَ أنْ كَانَ عَدَدُ الأساتِذَةِ سنَةَ 1962 في حُدُودِ 23 ألف، تَجْدُرُ الإشَارَةُ إلى أنَّ 75.62 % مِنْ الأساتِذَةِ حَالِيًا، هُنَّ نِسَاء مِنْ خِريجَاتِ مَعاهِدِ التَّكوِين الجزائريَّة..
وَبِالرَّغْم مِنْ الـمُؤَشِرَات الَّتي ذَكَرْنَاهَا على سَبِيلِ الأمْثِلَةِ .. على تَحَدِّيَاتِنَا الوطنيَّة في مَجَالِ التَّعلِيم، حَرِصْنَا في إسْتراتِيجِيتِنَا الـمُوَجَّهَةِ لِتَرْقِيَةِ التَّعْلِيمِ وَالتَّكوينِ على إدْمَاجِ الوَسَائِل التِّكنُولُوجِيَّة الحَدِيثَةِ، وَمِنْ بَيْنـِهَا التَّعْمِيمُ التَّدْريجيّ لِلّوَحَاتِ الرَّقْمِيَّة (Tablettes)، في الأطْوَارِ القَاعِدِيَّةِ مِنَ التَّعْلِيمِ، وَإضَافَةِ اللُّغَةِ الإنجليزيَّة إلى البَرَامِجِ التَّعلِيمِيَّةِ، مُسَايَرَةًّ لِلْعُلُوم وَالـمَعَارِف العالَـِمَّية .. وَعَزَّزْنَا هَذَا التَّوَجُّهُ نَحْوَ العُلُومِ وَالتِّكنُولُوجيا بِإنْشَاءِ مَدَارِسٍ وَطَنِيَّةٍ عُلْيَا مُتَخَصِّصَةٍ في الرِّياضِيَات وَالذَّكاء الإصْطِّنَاعي وَتِكنُولُوجيا النَّانُو.
السيّد الرئيس، السيّدات والسّادة الافاضل،
إنِطِلاقًا مِنْ الرُوحِ الأصِيلَةِ في سِيَاسَةِ بِلادي الخارجِيَّةِ الـمَبْنِيَةِ على أوْلَوِيَةِ التَّضَامُنِ الإفريقي، لَمْ تَدَّخِرْ الجَزائرُ جُهْدًا لِلْـمُسَاهَمَةِ في النُـهُوضِ بِمَجَالاَتِ التَّرْبِيةِ والتَّعلِيمِ والتَّكْوينِ في قارتنا، حَيْثُ تَسْتَقْبِلُ الطُّلاَبَ مِنْ مُختلَفِ الدُّوَلِ الإفْريقِّيَةِ الشَّقيقةِ في الجَامعَاتِ ومَعَاهِدِ التَّكوينِ والتَّدريبِ، وَفي هَذَا الصَدَّد وبدون مَنٍّ أُشِيرُ إلى أنَّ عَدَدَ الطَّلَبَةِ الأفَارقَة الـمُسَجَّلِين حَالِيًا في جَامِعَاتِنَا يَبْلُغُ (5998) طَالِبا، وَأنَّ الجزائر تُخَصِّصُ ألفيّ (2000) مِنْحَةً دِرَاسِيَّةً سَنَوِيَةً في التَّعلِيمِ العَالِي، وَ(500) مِنْحَةٍ دِرَاسِيَّةٍ في التَّكوِينِ الـمِهَنِي لِلْطَلَبَة الأفَارِقَة، وَنَعْتَزُّ اليَوْمَ أمَامَكُم في هَذَا الـمَحْفَلِ الإفريقيِّ الـمُوَقَّر بِالوُصُولِ إلى تَوْفِيرِ فُرَصِ التَّعْلِيمِ وَالتَّكْوِينِ لـ (65.000) طَالِبٍ إفريقيٍّ شاب في مُخْتَلَفِ التَّخَصُّصَات بِمَعَاهِدِنا وَجَامِعَاتِنَا مُنْذُ اسْتقلالِ الجزائر.
وَبالإضَافَةِ إلى هَذَا الجُهْدِ، تَعْمَلُ بِلادِي عَلَى بِنَاءِ وتَأْهيلِ الـمَدَارسِ فِي عَدَدٍ مِنْ الدُّوَلِ الإفْريقية، كما أنّـَها تَحْتَضِنُ مَعْهَدَ الاتِّحَادِ الإفْريقيِّ لِعُلُومِ الـميَاهِ والطَّاقَةِ والتَّغيُّراتِ الـمـُنَاخِيَةِ ..
كُلُّ ذلك يَعْكِسُ إنْخِرَاطَنَا في الجُهُودِ الـمُشْتَرَكةِ لِتَرْقِيَةِ نُظُمِ التَّعْلِيمِ في قَارَتِنَا، وَيُؤَكِّدُ إِرَادَتَنَا الرَّاسِخَةَ في تَعْزِيزِ التَّعاوُنِ وَالتَّضَامُن القَارِّي، وَمَدِّ جُسُورِ التَّوَاصُلِ في بُعْدِهِ الإنْسَانِي عَبْرَ البَعَثَاتِ الطُّلابِيَّةِ بَيْنَ الشُّعُوبِ الإفريقِيَّةِ، إنْسِجَامًا مَعَ رُؤْيَةِ وَتَطَلُّعَاتِ الآبَاءِ الـمُؤَسِّسِينَ لإتِّحَادِنَا الإفريقيّ .. وَالجزائرُ الوَفِيَّةُ لإنْتِمَائِـهَا وَعُمْقِهَا الإفريقيّ تُجَدِّدُ في هَذِهِ الـمُنَاسَبَةِ تَمَسُّكَهَا بِالـمَبَادِئِ وَالـمُثُلِ الَّتي يَقُومُ عَلَيْـهَا إتِّحَادُنَا، وَسَتَسْتَمِرُّ بِقَنَاعَةٍ وَبِلا كَلَلٍّ في بَذْلِ الجُهُودِ تِلْوَ الجُهُودِ مَعَ رُوَّادِ العَمَلِ الإفريقيّ الجَمَاعِي مِنْ أجْلِ إفريقيَا مُوَحَّدَةٍ .. مُسْتَقِرَّةٍ وَآمِنَةٍ .. إفريقيا مُتَطَلِّعَة إلى الإنْدِمَاجِ وَالتَّكَامُلُ .. إفريقيا الَّتي نَسْتَشْرِفُهَا جَمِيعًا بِرُؤْيَةَ 2063 .. وَإفريقيا الـمُؤَثِّرَةِ على السَّاحَةِ الدَّوْلِيَّةِ ..
وَفي الأَخيرِ، أُجَدِّدُ جَزِيلَ الشُّكرِ لفخَامَة الرّئيس مُحَمَّد ولد الشيخ الغزواني، عَلى إِتَاحَتِهِ هَذِهِ الفُرْصَةِ، لـمُنَاقَشَةِ مَوْضُوعٍ حَيَوِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِالتَّعلِيمِ وَالشَّبَاب، آمِلاً أَنْ تكُونَ نَتَائِجُ لِقَائِنَا مُنْطَلقًا لـمُستقْبَلٍ أَفْضَل، يَحْظَى فِيهِ الطِفْلُ الإفريقيُّ بتَّعليمٍ جيّدٍ، ونُحَقِّقَ بِهِ – مَعًا – خطوَةً نَحْوَ تَطلُعَاتِنَا الـمُشتركةِ، لبِنَاءِ إفْريقيا الّتي نُريدُ.
شُكرًا على كَرَمِ الإصْغَاءِ .
والسَّلام عليكُم ورَحْمَة اللهِ تَعَالى وبَرَكَاتُهُ

Relatetd Post

Leave A Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *