ما الذي يتغير في دماغ الطفل حسب ما يشعر به في البيت؟
كشفت دراسات حديثة باستخدام تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، أنّ الأطفال الذين يتعرّضون بشكل مستمر للصراعات العائلية، والعنف الأسري، يُظهرون نشاطًا مفرطًا في مناطق محددة من الدماغ، وهي نفس المناطق التي تنشط لدى الجنود الذين خاضوا تجارب عنيفة في ساحات القتال.
حيث قام الباحثون خلال الدراسة، بمسح أدمغة جنود سبقلهم التعرّض لظروف قتالية عنيفة، ولاحظوا نشاطًا متزايدًا في منطقتين أساسيتين في الدماغ:
اللوزة الدماغية (Amygdala)
الجزء الأمامي من القشرة الجُزيرية (Anterior Insula)
وعند مقارنة ذلك مع أدمغة أطفالتعرّضوا للإهمال أو العنف داخل الأسرة، ظهر نفس النمط من فرط النشاط في هذه المناطق، خاصةً عند عرض صور وجوه غاضبة عليهم.
هاتان المنطقتان مسؤولتان عن:
رصد التهديدات والاستجابة للمخاطر.
تنظيم العواطف والشعور بالخوف أو القلق.
التفاعل مع البيئة المحيطة في مواقف الخطر.
لذلك، فإنّ النشاط الزائد فيهما يدل على حالة من اليقظة المفرطة أو ما يعرف بـ”فرط الانتباه للخطر”، ويبدو أن هذا النشاط الدماغي ليس خللًا، بل تكيف عصبي فوري يساعد الطفل على التعرّف على الخطر في بيئة منزلية غير آمنة. لكنه في المقابل:
قد يُعيد “برمجة” الدماغ على المدى الطويل.
يزيد من احتمالية الإصابة بـاضطرابات القلق أو مشاكل الصحة النفسية لاحقًا.
يجعل الفرد أكثر حساسية لأي تهديدات، حتى وإن لم تكن حقيقية أو وشيكة.
نتائج الدراسة باختصار:
تشابه ملحوظ في نشاط الدماغ بين الأطفال المعنَّفين وقدامى المحاربين.
فرط يقظة دماغية تُعد آلية دفاعية لكنها تتحول لاحقًا إلى عبء نفسي.
الخبرات المبكرة المؤلمة قد تُعيد تشكيل أنظمة العاطفة والإدراك لدى الطفل.
المرونة العصبية تلعب دورًا في البقاء، لكنها قد تساهم أيضًا في نشوء الاضطرابات.
وتمثّل هذه النتائج خطوة مهمّة في فهم كيف تؤثّر الخبرات المبكرة داخل الأسرة على نمو الدماغ ووظائفه، كما تُبرز أهمية التدخل المبكر لدعم الأطفال في بيئات غير مستقرة، ليس فقط لحمايتهم جسديًا، بل نفسيًا وعصبيًا أيضًا.