وُلد سيد الخلق محمد ﷺ يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، من عام الفيل(ما يوافق سنة 571م)، وكان مولده في مكة المكرمة، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان، في بيت شريف النسب عظيم المكانة بين العرب. أبوه عبد الله بن عبد المطلبتوفي وهو في بطن أمه آمنة بنت وهب، فخرج إلى الدنيا يتيم الأب، وروى ابن سعد أن السيدة آمنة بنت وهب – أم النبي ﷺ– قالت واصفة ما رأت حين ولادته:
لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام.
وزيادة على ذلك، يذكر ابن إسحاق وابن هشاموغيرهما أن ولادته ﷺاقترنت بآيات وعلامات، منها:
ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة منه.
خمود نار الفرس التي ظلت موقدة ألف عام.
جفاف بحيرة ساوة.
وعندما وُلد النبي ﷺ أخذه جدّه ودخل به الكعبة، وشكر الله، ثم سمّاه محمّدًا، وهذا الاسم لم يكن معروفا عند العرب.
أرضعته أمّه أيّامًا قليلة، ثم أرضعته ثويبة مولاة عمه أبي لهب، بلبن ابن لها يقال عنه مسروح، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، وبعدها أُرسل إلى البادية ليتربّى في أجواءها الصافية على عادة العرب، فكان في رعاية حليمة السعدية، حيث تقول أنّه منذ أن دخل بيتها عمّ فيه الخير والبركة، حتى أنّ ماشيتهم كانت تدر اللبن بعدما كانت هزيلة.
وفي الرّابعة من عمره وقعت حادثة شق الصدر، حيث جاءه جبريل عليه السلام، حين كان النبي صلى الله عليه وسلّم يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه، فشقّ صدره، وأخرج قلبه، وغسله في طست من ذهب بماء زمزم، علامة على الطهارة والعناية الإلهية، حيث استخرج منه علقة، وقال له:
هذا حظّ الشيطان منك
وجاء الغلمان يسعون إلى مرضعته، فقالوا أن محمدا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون اي لونه متغير، وخشيت عليه حليمة بعد هذه الواقعة حتى ردّته الى أمه.