التأتأة: اضطراب شائع لا يستدعي الذعر

عندما يبدأ الطفل في تكوين كلماته الأولى، قد تظهر “التأتأة”، وهي اضطراب شائع في طلاقة الكلام يُخلّ بانسيابية النطق. التأتأة تظهر على شكل انقطاعات متكررة حيث يكرر الطفل الأصوات أو المقاطع، أو يطيلها بشكل غير طبيعي. من المهم الإشارة إلى أن التأتأة لا تتعلق بالذكاء، بل ترتبط بطريقة إرسال الدماغ للإشارات إلى أعضاء النطق. وهي تختلف عن التكرار العفوي المصاحب لمرحلة تعلم الكلام. الأنواع الثلاثة الأكثر شيوعًا للتأتأة هي: التوقفات أو التعثر (محاولة الكلام دون خروج صوت)، والتكرار (مثل: “أ أ أ أريد هذا”)، والإطالة (مثل: “أااااا أريد هذا”).

توقيت ظهور التأتأة وأنواعها:

تظهر التأتأة غالبًا بين عمر 2 إلى 4 سنوات، وهي مرحلة النمو اللغوي السريع. وفي كثير من الحالات تختفي تلقائيًا، لكنها قد تعود أحيانًا. تنقسم أسباب التأتأة إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

-التأتأة التنموية: الأكثر شيوعًا، وتظهر عادة بين سن الثانية والخامسة، وقد تحدث بسبب بطء تطور مهارات النطق واللغة مقارنة بقدرة الطفل على التعبير.

-التأتأة العصبية: تحدث نتيجة لمشكلات في الإشارات العصبية بين الدماغ وأعضاء النطق، وغالبًا ما تظهر بعد إصابات أو سكتة دماغية.

-التأتأة النفسية: نوع غير شائع، وقد يظهر بعد صدمة نفسية أو يترافق مع مشكلات في التفكير والتحليل.

الأعراض والتأثير النفسي:

تختلف أعراض التأتأة من طفل لآخر، وقد تتأثر بالحالة النفسية، ومنها: استخدام كلمات تعبئة (“آه”، “يعني”)، التحدث ببطء شديد، التوتر أو انقطاع النفس أثناء الكلام، ورمش العين السريع. كلما تأخر علاج التأتأة، زادت آثارها النفسية. ففي المدرسة، قد يبدأ الطفل بتجنب الحديث خوفًا من السخرية، وفي المراهقة قد تؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس وتجنب المواقف الاجتماعية. من الضروري فهم أن التأتأة ليست سببها القلق أو التوتر، بل هي اضطراب قد يؤدي إليهما لاحقًا، وهي ليست عدوى يمكن اكتسابها.

متى يجب طلب المساعدة وكيفية دعم الطفل؟

يجب التواصل مع مختص نطق ولغة لتقييم الحالة إذا لاحظ الأهل أن الطفل يتأتئ بانتظام لأكثر من ستة أشهر، أو بدأ يخاف من التحدث أو يتجنبه. لا يجب الانتظار لتحسن الأمور تلقائيًا.

للمساعدة في التعايش والعلاج، يُنصح بما يلي:

-خلق بيئة داعمة: توفير بيئة هادئة وآمنة في المنزل والمدرسة، والتعاون مع المدرسة لمنع التنمر.

-طريقة التواصل: تحدث إلى الطفل ببطء ليقلد أسلوبك، وأنصت إليه باهتمام دون مقاطعة أو استعجال.

-التعزيز الإيجابي: مدح الطفل عندما يتحدث بطلاقة وتجنب انتقاده عند التعثر.

-العلاج المنزلي: تساعد برامج مثل “ليدكومب” (Lidcombe Program) التي تعتمد على إعطاء الطفل ردود فعل إيجابية عند النطق السلس.

-الشفافية: تحدث بصراحة عن التأتأة إذا بادر الطفل بذلك.

وفي الختام يمكننا القول بأن التأتأة ليست فشلاً في النطق، بل هي دعوة للإنصات. ومع الدعم المناسب، يمكن للطفل أن يتجاوزها ويستعيد صوته بطلاقة وثقة.

Relatetd Post

Leave A Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *